بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الزوج
· إن الحمد لله، نحمده سبحانه ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.
· وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ على النبى وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وآل بيته كما صليت ربنا على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
· يا آيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون.
· يا آيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً، واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا.
· يا آيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما.
أما بعد،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار.
إخوة الإسلام.. عباد الله..
الأسرة أساس المجتمع:
· الأسرة هى اللبنة فى بناء المجتمع، والركيزة الأساسية التى يقوم عليها صرحه المتين، وعلى مدى قوة تماسكها تتوقف البنية الاجتماعية برمتها فى منعتها وسلامتها وفاعليتها، وقدرتها على الاستقرار والعطاء والصمود فى وجه هجمات المغرضين، وسهام المرجفين.
· ولذلك فإن تماسك واستقرار ونجاح الأسرة فى المجتمعات المسلمة قد أقض مضجع أعداء الإسلام والمتربصين به الداوئر.. لذلك فقد رصدوا لأغراضهم الخبيثة ملايين الدولارات لهدم الأسرة المسلمة ونزع القيم الأخلاقية من أفرادها، فلا عجب أن تجد مؤتمرات تلو الأخرى وقوانين تلو القوانين تجرم التبكير إلى الزواج أو تعاقب على تعدد الزوجات أو تقيم مجلساً للمرأة حتى تتمرد على الرجل، أو للناشئة كى يمارسوا ما يحلو لهم دون أدنى تدخل من الأباء والأمهات.. إلخ.
· هذا بخلاف ما يحاولون هم وأتباعهم فى بلاد المسلمين من إغراق الشباب المسلم فى عادات مرذولة من فواحش ومخدرات، وهلم جرا..
· والله سبحانه وتعالى غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وهو ناصر دينه لامحالة..
الإسلام وعظمته يرسم الطريق لأهله:
· والإسلام لم يتركنا نتنكب الطريق نتعثر فى السبيل .. كلا.. بل أنار لكل واحد صراطه فعرف الزوج حقوقه وواجباته، وأبان للزوجة حقوقها وواجباتها وكذا الأبناء والأباء..
· حتى ينعم المجتمع المسلم بالطمانينة والسعادة والاستقرار، فإن فى الدنيا جنة من دخلها فسوف يدخل جنة الآخرة.
حقوق الزوج:
القوامة:
· أعطى الإسلام الرجل حق القوامة باعتباره الأقدر والأوفق للقيام بمسئولياتها بحكم طبيعته، فهو ولا ريب أقدر على مواجهة مصاعب الحياة الاجتماعية.
· والقوامة مسئولية لا تنقطع ولا تتوقف، يحتاج إليها تدبير المعاش، وتوفير الحماية والأمن للبيت، ولهذا جاء نص القرآن الكريم: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ .. (34)" (النساء)
· والقوامة واقع عرفته الدنيا منذ فجر التاريخ إلى اليوم، ولا تحس المرأة بالأمن إلا فى ظل رجل، ولا تهدأ مشاعرها ويستقيم كيانها إلا فى حماه.
· على أن القوامة تكليف لا تشريف، وأعباء لا مغانم، وهى فى حقيقتها إلزام الرجل بالكدح ودفعه إلى العمل والكفاح.
· فلابد للركب من أمير يسير الدفة، وقائد ينأى بها عن شدائد الرياح ومساؤئ الأحوال.
· وفى هذه الأيام فرّط كثير من الرجال فى حقهم فى القوامة فكان من نتيجة ذلك خروج النساء من بيوتهن غير ملتزمات، متزينات بشتى أنواع الزينة، مما جر الويلات على المجتمعات الإسلامية.
الطاعة فى غير معصية:
· طاعة الزوج فى غير معصية الله تعالى تجلب للأسرة الهناء، والمخالفة تولد الشحناء.
· وقد أخرج الإمام الترمذى بسنده عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها قال وفي الباب عن معاذ بن جبل و سراقة بن مالك بن جعشم و عائشة و ابن عباس و عبد الله بن أبي أوفي و طلق بن علي و أم سلمة و أنس و ابن عمر.
قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال الشيخ الألباني : حسن صحيح.
· كما أخرج ابن حبان بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )
قال أبو حاتم رضي الله عنه : تفرد بهذا الحديث عبدالملك بن عمير من حديث أبي سلمة وما رواه عن عبد المليك إلا هدبة بن المنهال وهو شيخ أهوازي
قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح
التزام المرأة القرار البيتى:
· فعلى الزوجة أن تلتزم القرار البيتى لكونه حقاً من حقوق الزوج عليها.
· وأن تستأذنه إذا أرادت الخروج، وعليه أن لا يتعسف فى استخدام الحق، وأن لا يشعرها بأنها حبيسة أو مأسورة.
· قال الله تعالى مخاطباً أمهاتنا رضى الله عنهن: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .. (33)" (الأحزاب)
ألا تصوم تطوعاً إلا بإذنه:
· ففى سنن أبى داود عن أبى هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "لاتصوم امرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه غير رمضان ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه".
قال الشيخ الألباني : صحيح ق دون ذكر رمضان.
عدم الإذن بالدخول لأحد يكرهه:
· ففى حجة الوداع خطب النبى صلى الله عليه وسلم خطبة جامعة مانعة وصى فيها أمته، وأوصى بالنساء والضعفاء، وبين حق المرأة وحق الرجل، فكان مما قاله فى حق الرجل: "وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ" (سنن أبى داود)
إعانة الزوج على الخير:
· فمن حقوق الزوج على زوجته أن تعينه على الخير، وتساعده فى حياته الإيمانية، وفى طلب العلم والعبادة وصلة الأرحام وفعل الخيرات وألا ترهقه بالمصروفات، وأن تذكره بطلب الرزق الحلال..
· وفي الحديث الصحيح عند أحمد والشيخين عن أبي هريرة: «خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده»
· وهكذا كن نساء الصحابة يسارعن إلى الخيرات، وكن عوناً لأزواجهن على التصدق بالقليل والكثير، والخروج للجهاد فى سبيل الله عز وجل.
· قال الله تعالى: "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)" (يس)
الوفاء للزوج:
· الوفاء صفة جميلة راقية، تظهر من يتحلى بها فى أبهى صوره.
· ومن أروع الأمثلة على ذلك زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم، فقد ذكرت كتب السيرة أنها رضى الله عنها كانت زوجة لابن خالتها العاص بن الربيع، ولم تستطع أن تهاجر من مكة مع أبيها، وبقيت عند زوجها وهو مشرك حتى وقع أسيراً فى غزوة بدر، فأرسلت زينت لفدائه، وكان فى الفداء قلادة كانت قد دخلت بها عليه عند الزفاف، ويقال إنها كانت لأمها خديجة رضى الله عنها، فلما رآها النبى صلى الله عليه وسلم رقَّ لها رقة شديدة، وقال: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا" فقالوا: نعم، فأطلقوه وردوا عليها الذى لها، وشرط عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلى سبيل زينب، فهاجرت إلى والدها ثم أسلم بعد ذلك زوجها ولحق بها (كتب السير)
الفراغ إلى نفسه:
· ومن حقوق الزوج على زوجته أن تترك له وقتاً يتفرغ فيه لنفسه ولفكره، فإن كان عابداً تركت له وقتاً تطمئن فيه نفسه إلى عبادة ربه بخشوع وخضوع وحضور قلب، وإن كان عالماً تركت له وقتاً يطالع فيه، ويقرأ ويؤلف ويفكر.
حسن التبعل:
· إن حسن تبعل المرأة لزوجها خلق حميد، وعمل رشيد، تثب عليه المرأة ثواباً عظيماً من الله تبارك وتعالى.
· ومن ذلك التزين للزوج والتهيئ له.
· وتفريج كربه، وكتمان الهم عنده.. إلخ
الإحداد عليه:
· ومما يجب على المرأة من حقوق إذا مات عنها زوجها أن تحد عليه أربعة أشهر وعشرا، وتتجنب الطيب والزينة فى هذه المدة.
· قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِــــيرٌ (234)" (البقرة)
· ويلزمها لزوم مسكن النكاح إلى آخر العدة، وليس لها الانتقال إلى أهلهان ولا الخروج إلا لضرورة.
علاقة المعاشرة الزوجية:
· لم يهمل الإسلام التعرض لعلاقة تلك الغريزة بين الزوجين، فهى هدف من أهداف الزواج، ولا ينبغى إغفاله أو إهماله.
· قال تعالى: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)" (البقرة)
· وقال تعالى: ".. هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ .. (187)" (البقرة)
· ففيها تصريف للشهوة وإراحة للبال فى الحلال الطيب، قال تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)" (المؤمنون)
· وقد أخرج الإمام مسلم بسنده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ».
حفظ أسرار الزوجية:
· قال تعالى: "..فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ..(34)" (النساء)
بر والديه وصلة أرحامه:
· أمر الإسلام ببر الوالدين وحذر من قطيعة الرحم.
· قال تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)" (محمد)
· وقال تعالى: "..وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)" (النساء)
هدانا الله إلى مكارم الأخلاق،،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين
المصادر:
· القرآن الكريم كتاب رب العالمين
· سنة وسيرة النبى الكريم المكتبة الشاملة
المرجع:
· باختصار وتصرف من كتاب: نظام الأسرة فى الإسلام لأستاذنا الدكتور/ على السُّبْكى حفظه الله تعالى.
(الراجى عفو ربه سبحانه: محمود الشاعر غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين)
0 التعليقات:
إرسال تعليق